قالوا : إنّكم انشغلتم بالبحث عن العلامات فقط وهذا يجعل الإنسان منشغلاً بالأثر دون المؤثّر
وقالوا أيضا: لا تستغرقوا في التأمل بعلامات الظهور فقد يؤدي بكم الى أن تضلوا طريق الهداية.
وقالوا: أنتم اهتمّيتم بعلامات الظهور وأهملتم شرائط الظهور !!!
✍️الجواب على هذا الإشكال والتساؤل ||
وكالة أنباء الانتظار
إذا كانت الدراسات الإسلامية تنطلق دائماً من منطلقات رسالية لتربية الفرد والمجتمع بمفاهيم الإسلام وقيمه بهدف تحصين الأُمّة بالوعي الديني لإبعادها عن مخاطر الانحراف في مختلف ميادين الحياة؛فإنّ ثقافة علامات الظهور تكون في طليعة الفكر الإسلامي التربوي الهادف باعتبارها تمثّل في نصوصها الغيبية لافتات تحذير إلهية تشير إلى مناهج الضلال ورموزه وراياته، كما أنّها في الوقت ذاته ترسم في كلِّ عصرٍ معالمَ الطرق الإلهية المؤدية إلى خط الهدى،وهذا الدور الإيجابي للعلامات يؤكده المعنى اللّغوي والاصطلاحي لها،فهي في اللُّغة : الأثر الذي يعلم به الشيء، أو ما يُنصَب على الطريق من إشارات ليهتدي بها السائرون،ومنه قوله تعالى :((وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ)) النحل: ١٦والعلامات في الاصطلاح هي : كلُّ حَدَثٍ دلَّ الخبرُ الغيبيّ على وقوعه في المستقبل باعتباره من دلائل قرب ظهور الإمام المنتظر (أرواحنا لمقدمه الفداء)، وفي هذا الإطار حدَّد الإمام الصادق (ع) مكانة علامات الظهور في الثقافة الاسلامية،حيث قال : (إنَّ قُدَّام المهدي علامات تكون من الله عزَّ وجل للمؤمنين)فالعلامات دلائل غيبية كلّها من الله تعالى، ولم يكن لرسول الله (صلّى اللّه عليه وآله) وأهل بيته الأطهار دور فيها إلّا بمقدار إيصالها للأُمّة، وهي دلائل وضعها الله تعالى لهداية المؤمنين إلى طريق الحق وصيانتهم من الوقوع في الفتن. ومن خلال التأمّل بمضامينها أنّها تستهدف أمرين:الأول : تحذيري للأُمّة وتنبيهها إلى كلّ ما يواجهها في المستقبل من رايات الضلال والانحرافات العقائدية والسياسية والاجتماعية والأخلاقية قبل الظهور الشريفالثاني: تبشيري بخروج رايات الهدى كاليماني ــ والذي هو أهدى الرايات ــ وراية الهدى الخراسانية وباقي رايات الهدى مع التأكيد على وجوب الالتفاف حولها ونصرتها ودعمها وإسنادها.وفي إطار هذين البعدين، تمتد الآثار التربوية لثقافة العلامات في تأريخ الأمة منذ وفاة رسول الله (صلّى اللّه عليه وآله) حتى ظهور ولده الإمام المهدي (أرواحنا لتراب مقدمه الفدا)، وهو ما يفسّر لنا اهتمام أهل البيت بها، وكثرة صدورها واستفاضتها عنهم باعتبارها مَعلماً فكريّاً مُهمّاً في منهج الإسلام التربوي لتحصين الأُمّة من عوامل الضلال والانحراف ، وتوجيهها إلى طريق الحق والهدى في عصر غياب الإسلام الأصيل عن قيادة الحياة،ولهذا دعا الشارع المقدّس إلى ضرورة معرفة علامات الظهور المعنية بوصف أحداث المستقبل قبل أن يتورّط المكلَّف بحوادثها وعواملها الانحرافية على أرض الواقع، ففي الأثر عن النبي الأكرم ـ صلى الله عليه وآله ـ : (هذه فتنٌ قد أطلّت كجباه البقر، يهلك فيها أكثر الناس إلّا من كان يعرفها قبل ذلك).وبالعودة إلى روايات أهل البيت عليهم السلام نجد هنالك نصوص مهمة تؤكد على أهمية ووجوب مطالعة علامات الظهور منها:▪️ ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) وهو يتحدث عن مكانة علامات الظهور في الثقافة الاسلامية، حيث قال : (إنَّ قُدَّام المهدي علامات تكون من الله عزَّ وجل للمؤمنين) راجع : كمال الدين للشيخ الصدوق ص ٦٤٩▪️وعن جابر بن يزيد الجعفي قال : قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر ( عليه السلام ) : يا جابر ، الزمْ الأرض ولا تحرِّك يداً ولا رجلًا حتى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها : أوّلها اختلاف بني العباس ، وما أراك تدرك ذلك ، ولكن حدِّث به من بعدي عني…) راجع : الغَيبة للنعماني ص ٢٩٨ملاحظة: حدِّثْ: فعل أمر مبني على السكون [ وهو أمر من الإمام المعصوم المفترض الطاعة إلى جابر الجعفي في أن يُحدِّث الناس عن علامات الظهور الشريف ]وفي حديث الإمام الصادق (عليه السلام ) لهشام بن سالم حول الصيحة من السماء قال :(هما صيحتان: صيحةٌ في أوّل الليل، وصيحةٌ في آخر الليلة الثانية،فقلتُ : كيف ذلك ؟ فقال : واحدة من السماء ، وواحدة من إبليس فقلت : كيف نعرف هذه من هذه ؟ فقال : يعرفها من كان سمع بها قبل أن تكون) راجع الغَيبة للشيخ النعماني ص ٢٧٤ وفي هذه الرواية أعلاه يتحدث المعصوم (عليه السلام) في أنّه سوف تحصل الصيحة الجبرائيلية وما أعظمها من علامة، ولكن ماذا قال (عليه السلام)؟ أن هنالك صيحة إبليسية سوف تكذِّب صيحة جبرائيل وسيقع الشك في قلوب المرتابين!وأنّ صيحة جبرائيل سوف يعرفها من خَبَرها سابقًا وكان يتحدث بها (والمعني هنا هم المنتظرون )و سأل زُرارة الإمام الصادق (عليه السلام ) عن الصيحة ومن يعرف الصادق من الكاذب ؟ فقال : (يعرفه الذين كانوا يروون حديثنا،ويقولون إنّه يكون قبل أن يكون، ويعلمون أنّهم هم المحقّون الصادقون) راجع مكيال المكارم: ج٢ ص ١٧٣ ((والمعني بالذين يروون حديثنا هنا هم المنتظرون الممهدون أصحاب الوعي والبصيرة )).إن محاولة تجهيل الأمة بأهمية ثقافة العلامات وأثرها في بثّ روح الامل في نفوس المنتظرين وعدم الالتفات إلى دورها في تحصين حركة الانتظار من الانحرافات لهي محاولة خطيرة تستهدف نسف مفهوم الانتظار من خلال الإطاحة بأهم ركائزه ومقوماته الموضوعية المتجسدة بمعرفة العلامات كما أوضحنا ذلك في ضوء معناها اللغوي والاصطلاحي ، فإذا تجاهلنا دور معرفة العلامات في حركة الانتظار التغييرية في الأمة نكون قد أفرغنا مفهوم الانتظار من معطياته التربوية ومن محتواه، وإذا لم يكن للعلامات أي دور إيجابي في حياتنا الايمانية والسياسية والجهادية في عصر الانتظار والتمهيد المهدوي فالأمر ينطبق أيضا على أهداف القرآن وأهداف الرسول (صلّى اللّه عليه وآله) التي جاءت في آلاف النصوص الغيبية التي تكشف حوادث المستقبل، وتبقى سؤالا بحاجة إلى جواب .ونؤكد للجميع أنّ مجتمع المنتظرين لا يدعو أبدا الاستغراق في علامات الظهور الشريف فقط وفقط؛ نعم نبحث ونطالع ونحلل ونراقب الأحداث ونستشرف ونجري مقاربات احتمالية، لكن بالتأكيد ليس هذا هو تكليفنا فقط؛ بل نعتقد أنّ العمل بالانتظار الإيجابي وبأسباب التمهيد هو المطلوب.
ولذلك أيّها الاحبة نحن لا ندعو إلى الجلوس خلف الكيبورد فقط، فالميدان ينتظرنا،
ولا ننتظر العلامات لكي تتحقق، بل ندعو الجميع أن ذهبوا وتحركوا لتحقيق الفرج واعملوا بالانتظار الحقيقي وستأتيكم العلامات تِباعًا وفي الوقت الذي يختاره الله عز وجل.
إنّ تلبية نداء المرجعية العظمى في فتوى الجهاد الكفائي هو أصدق مصاديق الانتظار الحقيقي العمليّ، شهداؤنا الابطال في الحشد والمقاومة هم سادة المنتظرين، وقد أدّوا ما عليهم تجاه الإمام (عج).طريق الانتظار يحتاج الى تضحية،أن يعيش المرء ليرى الإمام هدفٌ عظيم؛ لكن أن يضحّي ويدفع الأثمان والضرائب ويستشهد من أجل التمهيد للإمام عليه السلام فهذا هو الهدف الأعظم الذي ينبغي ان لا يغيب عن بال المنتظرين أبدًا أبدًا.وتعالوا الآن لنفكر كيف سنسد شواغر المجاهدين في سوح الجهاد؟ كيف سنملأ الفراغ الذي تركه فقدان أبطال الحشد الشعبيكيف سنسد الثلمة التي ثلمت باستشهاد شهيد التشيّع الحاج المهندس؟كيف سنعوض فقد شهيد الولاية وشهيد القدس القائد سليماني؟وكم علينا أن ننتظر لتجود الدنيا بمثل هؤلاءولماذا لا نعمل منذ الآن على أن نسد هذا الفراغوماذا ننتظر فمرجعنا أفتى وعدوّنا يتربص بنا الدوائر وإمامنا ينتظر منا الاستعداد العمليهذا هو طريق الانتظارهذا هو الطريق أيها الأحبة فلا تذهبنَّ بكم المذاهب فالطريق يحتاج الى رجال والى عزيمة والى إرادة.((وَلَينصرنَّ الله من ينصره إنّ اللّه لقويٌّ عزيز))اللهم عجل لوليك الفرج والعافية والنصر