كلام عن زيارة مسؤول إماراتي إلى إيران
محمّد صادق الهاشميّ
مدير مركز العراق للدراسات ــ بغداد
ت : ٦ / ١٢ / ٢٠٢١
خلاصة الكلام هي أنّ الإمارات عبارة عن شرطي أمريكي تطبيعي في المنطقة فلماذا تستقبلها ايران ؟! هذا سؤال، وسؤال آخر ماذا لو استقبلت الحكومة العراقية مسؤول إماراتيّ ما ألا تقوم الدنيا ولم تقعد؟! وآخرون يقولون لماذا لايمدّ شيعة العراق الجسور مع الخليج على غرار ما تفعله إيران ولكلّ بلد مصالحه، فلماذا يضحّي شيعة العراق بمصالحهم؟!
وكلام آخر كثير بحسن نيّة وسوئها يدور في الوسط الإعلامي الأوسع.
وفي مقام الإجابة وبدون مقدّمات وميول، وإنّما هنا حديث عن الوقائع نشير الى مايلي:
أولًا / لم تمنع إيران العراق يوماً من إقامة اي علاقة مع الدول العربية، بل كانت وما زالت تحث العراق على إقامة أفضل العلاقات مع العالم العربي وفق قواعد الاحترام الدبلوماسيّ المتوازن لقواعد المصالح، وبما يحقق الأمن للعراق، لكن المشكلة لا تكمن في شيعة العراق ولا في إيران، وإنما في الخليج الذي لايحترم إلّا القوي فإن كان قد خضع الخليج لإيران كقوة إقليمية فلأنّها قوية متماسكة موحّدة، وهذا يعني أنّ شيعة العراق وعموم الأحزاب مدعوّة أن تقيم أفضل العلاقات إن تمكنت الحكومة العراقية أن توظّف العلاقات لخير العراق ومنع الإرهاب أو تحويل العراق الى سوق استهلاكي مقابل تعطيل التنمية وتجويع الملايين ومنع التطور .
ثانياً / بنظرةٍ دقيقة لطبيعة العلاقات التي تحكم إيران مع العالم العربي والإسلامي تأكَّدَ لدينا حقيقة قائمة خلاصتها أن لا تقيم أي دولة عربية مع إيران لتنهب ثرواتها دون أن تقدم لها شيء أو لتجرّ إيران الى التطبيع أو حتى تجعل العلاقة نوع من التآمر والتسلّط والتجاوز على أمن إيران، بل إيران تفرض – بقوّتها – على اي دولة تقيم معها علاقة احترام قانون إيران ومصالحها ومصالح الشيعة، وإن تمكّن شيعة العراق من هذا فجزاهم الله الف خير .
ثالثاً / إيران منسجمة مذهبياً، موحّدة في الداخل والخارج، وتمتلك رؤية موحدة للسياسة الخارجية وفق قاعدة ( مصلحة الإسلام والشيعة ) وتقليص هرولة الخليج وراء الغرب من خلال ربط العلاقات الاقتصادية وغيرها لجرّ الخليج من خيمة السعودية وأمريكا الى خيمة التلاحم الإسلامي ولو بالحدّ الأدنى، وهذه الأُسس هي القاعدة التي تجعل إيران تقيم علاقاتها الدبلوماسية الإقليمية والدولية وفق أُسس لا وفق تسيّس خليجي، وهناك فرق يدركه العقلاء بين أن تكون سيّداً وبين أن لا تكون .
رابعاً / كلّ منصف يدرك أنّ إيران لاتقيم علاقاتها بما يسبب للشيعة وعموم المسلمين الضرر لأجل مصالحها، بل لعزة وكرامة وأمن شعوب المنطقة وهذه أسس ثابتة، ولولا هذه لرسّخت أفضل العلاقات مع أمريكا على حساب فلسطين، ولما ألغت الوكر التجسّسي سفارة إسرائيل في طهران ومكّنت الشعب الفلسطيني المسلم منه ومن العزة داخل غزة وفلسطين.
وسؤال إجمالي يطرح نفسه: متى كانت إيران متخلّية عن دورها في حماية المسلمين لأجل مصالحها؟ والعكس هو الصحيح فإنها تضرّرت وحوصرت وخسرت المال والدماء لأجل المسلمين، ومن أراد أن يراجع التأريخ القريب فليقلّب صفحات الوثائق القريبة بأحداثها، ويتعرّف على موقفها في البوسنة والهرسك ولبنان واليمن والعراق وسورية وباقي الدول.
خامساً / ثمَّ متى اعترضت ايران على العراق رسمياً حينما يخطّط ويسعى لعلاقات مع الخليج ؟!! ومَن أراد أن يتأكّد فليراجع الأحداث القريبة فقد سعى المالكي حثيثاً لهذا و افتتح العبادي السفارات للخليج وتم توقيع اتفاقات متنوعة في زمن العبادي وعادل عبد المهدي وفتحت المنافذ الحدودية ( عرعر والحميم وغيرهما ) ولم نسمع من إيران اي اعتراض، بل كان المسؤول العراقي يأتي بعد جولته الخليجية ليزور إيران ويتم استقباله من أعلى الهرم في إيران وهو المرشد الأعلى الإمام الخامنئي فمتى حصل الاعتراض حتى يقال أنّ ايران تمنع إقامة العلاقات على شيعة العراق مع الخليج أو أيّ دولة، لكن ايران طبعا ترفض من باب الحرص على العراق أن تقام علاقات مع الخليج والأردن ومصر على أساس النهب والسلب لصالح هذه الدول، وإعطاء النفط المجاني لهم دون مقابل للعراق، و ترفض إيران ذات القوة ان يتم استبدال مشروع الاستثمار الصيني الذي وقّعه عادل عبد المهدي مقابل اتفاق بائس مع الاردن، وأن يمدّ انبوب نفط العرق الى الأردن بأبخس الأثمان ومن أموال العراق دون نفع، أو أن يوقع العراق جولات التراخيص النفطية لنهب ثروات العراق، وهل قبلت إيران أن يمنح العراق الكويت منافذها المائية وبعض آبار البترول والاراضي ؟