نبوءة أهل البيت(عليهم السلام) حول انقراض الحُكم الصّدامي البعثي التكريتي المُجرم وازدهار كربلاء ومسيرة الأربعين
المقدمة : ورد في كتبنا الحديثية نصٌّ بلفظين وهو يتعلق بالحكم المرواني في العراق والسير الى مرقد الإمام الحسين (عليه السلام)؛ اللفظ الاول ورد في كتاب عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق، بينما ورد اللفظ الثاني في صحيفة الرضا(عليه السلام) ومن الجدير بالذكر أنّ كلا اللفظين وردا عن الإمام الرضا (عليه السلام).اللفظ الأول: عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) أنه قال : ( كأنّي بالقصور قد شُيِّدتْ حول قبر الحسين -عليه السلام- وكأنّي بالمحامل تخرجُ من الكوفة إلى قبر الحسين ولا تذهب الليالي والأيام حتى يُسارُ إليه من الآفاق وذلك عند انقطاع ملك بني مروان) عيون أخبار الرضا ( ع )، ج ٢، الشيخ الصدوق، ص ٥٣اللفظ الثاني: عن أبي علي الطبرسي بإسناده عن الرضا عن آبائه ( ع ) قال : قال علي بن الحسين عليه السّلام :(كأنّي بالقصور وقد شُيِّدت فوق قبر الحسين عليه السّلام وكأنّي بالأسواق وقد حفت حول قبره فلا تذهب الأيام واللّيالي حتى يُسارُ إليه من الآفاق وذلك عند انقطاع مُلك بني مروان)المصدر: صحيفة الرضا ( ع ) : 248 ، ح 161 .وسنتحاور حول كلّ مقاطع الرواية بالنصّين المذكورين آنفاً إن شاء الله تعالى.أولاً: الحديث عن الحكم المرواني في زمن العباسيين! الملاحظة الملفتة للنظر أنّ الرواية بمختلف ألفاظها وطرقها مرويّة عن الإمام الرضا (عليه السلام) والإمام الرضا (عليه السلام) ينقلها عن آبائه الكرام عن الإمام السجاد في لفظٍ،وفي لفظٍ آخر عن أمير المؤمنين في اللفظ، ولكن ألم يكن حكم بني مروان قد انقرض وانتهى في زمن الإمام الرضا (عليه السلام) فما مناسبة رواية هذا الحديث ؟!إذن؛ يتعين القول ههنا أنّ الإمام الرضا(عليه السلام) لم يكن يروي عن آبائه الكرام حديثا يتعلق بحكم بني مروان بن الحكم الذين حكموا بعد معاوية حتى سقوط خلافتهم عام ١٣٢ هج؛ وإنما الحديث عن حكمٍ مروانيٍّ آخر غير الحكم المروانيّ المنقرض،ومن الواضح أنّ الإخبارات الغيبية التي تضمّنتها الرواية لم تتحقق في زمن الإمام الرضا (عليه السلام) ولم تتحقق بعد انقراض الحكم المرواني الى العصر الحديث، وهذا يؤكد أنّ المراد بالحكم المرواني هو حكمٌ متجدّد يظهر في فترة زمنية معينة، ويدعم ذلك أنّ الإمام الرضا (عليه السلام) تحدَّث عن المستقبل بقوله : و((ذلك عند انقراض ملك بني مروان))إطلالة مختصرة على ألفاظ الروايتين: ١- فنادق عملاقة في كربلاءكأنّي بالقصور : كناية عن صورة مستقبلية يستشرفها المتحدث ويتصورها أمامه، يتصورها لأنّها واقعة لا محالة .والقصر هو البيت الفخم الواسع ، والجمع قصور، تقول الرواية بأنّه لن يمضي الزمان حتى تُحيط القصور بقبر الحسين عليه السلام، وهذا يعني أنّنا سنشهد عدداً كبيراً من البيوت الفخمة الواسعة ذات الرمزية الخاصة او الاستخدامات المميزة ستحيط بضريح سيد الشهداء (عليه السلام)، وهذه القصور او البيوت الفخمة ستكون حول القبر الشريف، وهذا يعني أنّها لن تقتصر على اتجاهٍ واحدٍ من الاتجاهات؛ بل ستكون هناك فنادق من كلّ الاتجاهات التي تؤدي الى قبر الحسين عليه السلام، ولم يشهد أي زمانٍ تحقق فيه مصداق هذه القصور إلّا بعد عام 2003 فإنّ الفنادق التي كانت موجودة قبل هذا التأريخ لم تكن من الفخامة والرمزية التي يمكن ان تكون شاخصاً تشير له الرواية، في حين أنّ فنادق كربلاء اليوم تعتبر من المميزات والشواخص الأساسية لكل من يقترب من المدينة المقدسة ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة.٢- الاسواق تحف بقبره الشريفهذا النص واضح الدلالة والمصداق، وقد أصبح محيط مرقد الامام الحسين (عليه السلام) مليئا بالأسواق التي تمتلأ بالحاجات المتنوعة التي يشتريها الزائرون، ومع أنّ ظاهرة وجود الأسواق قديمة إلّا أنّ المصداق الأهم لها هو ما بعد انتهاء العهد الصدامي اللعين كما هو واضح لكل متتبّع.٣- المحامل التي تخرج من الكوفة الى كربلاءالمحمل او الهودج هو تركيب خشبي يوضع على الجمل ويستخدم للتنقّل والترحال، والرواية تنصّ على أنّ هذه المحامل ستخرج من الكوفة (العراق بمختلف مدنه وقصباته) الى مرقد الإمام الحسين (عليه السلام)، ولعلّ الحديث عن المحامل هنا هو كناية عن مركبات النقل الحديثة بمختلف أنواعها، وهو أمر قد تحقق بلا شك منذ مدة طويلة.٤- مسيرة الأربعين المباركة وتنص الرواية في مقطعها قبل الأخير بأنّه لن تمضي اللّيالي والأيام بعد السير على المحامل حتى يُسار اليه من الآفاق، والسير هو المشي ، والآفاق تتعدى الحديث عن الكوفة او العراق وفيها بِشارة بتحوّل زيارة الحسين (عليه السلام) الى أكبر تجمع بشري على مستوى المنطقة والعالم، وها نحن نشهد تحول زيارة الأربعين من زيارة بالسيارات الى زيارة مُشاة ومن زيارة محلّية الى زيارة إقليمية ودولية يشهدها زوار من عشرات الدول .٥- متى ستحدث بشارات الزيارة الأربعينية بهذا الشكل؟هذا هو تحديداً موعد تحقق كلّ بشائر الرواية الشريفة عند انقطاع ملك بني مروان، ولذلك فإنّ أي مصداق من مصاديق الرواية يتحقق منفرداً لا يمكن أن يكون هو المصداق الفعلي ما لم تتحقق كلّ بشائر الرواية بالتزامن مع انتهاء حكم شبيه بحكم بني مروان.ولربما سائل يسأل: كيف استشرفتم أنّ هذا الحكم المرواني عراقي؟من كلّ إشارات الرواية المتعلّقة بضريح الإمام الحسين (عليه السلام) فإنّ تزامن السير لزيارة الحسين (عليه السلام) ووجود الحركة العمرانية والأسواق مع انهيار الحكم المرواني(البعثي) يعني بشكلٍ من الأشكال بإنّه سيسبق هذا الازدهار فترة سيتم فيها محاربة كربلاء ومنع الزيارة والأسواق والفنادق في كربلاء، ولا يمكن أن يقوم بهذا الأمر إلّا الحكم الذي يكون مقرّه العراق وليس أي بلد آخر باعتبار أنّ كربلاء محافظة عراقية .ويبقى سؤال مهم: من هم بنو مروان ؟أولاً : أن نشهد سلالة حاكمة باسمِ (بني مروان)ثانيا : أن نشهد نظاماً شبيها بحكم بني مروان ، وبما أنّ الرواية تتمحور حول مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) فالجدير بالذكر أن أبناء مروان بن الحكم كانت لهم قوانين تمنع زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) وتعاقب على ذلك، وكانت تظهر العداء العلني لأهل البيت عليهم السلام بصورة واضحة وجلية.ولكن هل تتعلق الرواية بعصر الظهور الشريف؟ بطبيعة الحال سيكون الجواب للوهلة الأولى (كلا) فليس في الرواية أيّة إشارة ترتبط بظهور الإمام المهدي (عليه السلام) فلربما تتحقق في أي عصر بعيداً عن عصر ظهور الإمام (عليه السلام)،لكن مهلاً؛ اليس في الرواية ما يمكن أن نستفيد منه في تحديد زمنها ؟الرواية الشريفة لم تتحدث عن ظاهرة ستحدث وتنتهي تحت ظرف معيّن؛ وإنّما لها خاصية الاستمرارية، وفي كل كلمات الرواية لن تجد ما يشير الى انتهاء هذه الظاهرة تحت أي ظرف؛ بل لها خاصية الاستمرار والتطور والازدهار وما دام الأمر كذلك فنحن إذن أمام ظاهرة ستمتد حتى ظهور المولى (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء)، هذا ما يمكن الحصول عليه من الرواية الشريفة ولعل المتأمّل أكثر سيجد بعض ما لم ندركه من بركات هذه الرواية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته