ينتقل العالم تدريجيا الى مشهد جديد في غاية التعقيد
لا وقت الان للحديث عن الجذور والتراكمات لكن انعطافة كبيرة وتاريخية حدثت في السابع من اكتوبر وهي لم تكن متوقعة للكثيرين
لقد أعلن سيد المقاومة سماحة السيد حسن نصر اللّه(أعزّه اللّه) مرارًا وتكرارًا أنّ الحرب الكبرى قادمة خلال سنوات قليلة الا ان الكثير منا لم يتعامل بجدية كبيرة مع هذا الكلام
لكن بعد السابع من اكتوبر تغير المشهد وانتقل دفعة واحدة الى محطة جديدة من محطات حربنا المقدسة ضد المستكبرين
وقد جاء هذا التطور اللافت في فترة تاريخية عصيبة بالنسبة للمحور الغربي فهو يصارع من اجل البقاء ويقاوم استيقاظ الدب الروسي والتنين الصيني هذا عسكريا وهذا اقتصاديا وهم يتسابقون كافراس الرهان نحو السيطرة على العالم الجديد وبمختصر مفيد كان توقيت طوفان الاقصى افضل توقيت بالنسبة لنا واسوء توقيت للغرب المستكبر.
انتقال المشهد لم ينحصر ضمن جغرافيا الشام فقط حيث شاركت في الايام الاولى للطوفان فصائل المقاومة في غزة والمقاومة الاسلامية في لبنان وانما وبصورة مدهشة دخلت المقاومة العراقية واللبنانية والسورية والحرس الثوري على الخط الساخن للمعركة
واصبحت المعركة تمتد من رفح غربا وحتى طهران شرقا ومن بيروت شمالا وحتى صنعاء جنوبا في انسجام عظيم واستثنائي بين فصائل المحور الاسلامي المقاوم
تعقدت المشكلة كثيرا بالنسبة للصهاينة وامريكا وواجهوا ردود فعل كبيرة واقتدارا عظيما عند تجاوزهم الخطوط الحمراء كما حدث مع اليمن ومع استهداف القنصلية الايرانية في دمشق ولذلك كان الارتباك واضحا على افعالهم ومواقفهم ولم ينجحوا حتى اعلاميا بالظهور في مظهر المحور الموحد في مواقفه وافعاله ولاول مرة في التاريخ تفشل امريكا والصهاينة في التحشيد لتحالفات عسكرية واسقط ما في يدها عندما حاولت في اليمن وهي فضيحة بكل المقاييس لمن كان يرى نفسه سيد العالم وتجرأت الدول للمرة الاولى على الخروج من بيت الطاعة الامريكي وعصيان الاوامر الامريكية.
واليوم مع كل هذا التعقيد في المشهد اصبحت الحاجة ماسة بالنسبة للغرب وامريكا الى سلة واحدة لتصفية كل هذه الساحات فالجيش الامريكي اثبت فشله على المواجهة والاراضي الفلسطينية اصبحت خارج قدرة الصهاينة على السيطرة
هناك في السياسة بحر عميق من الاسرار والخفايا والكواليس وكذلك حبال اللعب الاستثنائية وفي تقديراتنا ان انتقالة السابع من اكتوبر لا يمكن ان تواجه الا بحدث استثنائي يماثلها في القوة وله القدرة على استيعاب كل تعقيدات المشهد.
ولكي يحقق الخيار الامريكي نتائجه المطلوبة تحتاج ان يمتلك المواصفات الاتية :
١) ان يكون قادرا على استيعاب وتهدئة ساحة الضفة الغربية وغزة.
٢) ان يكون قادرا على استيعاب وتهدئة الساحة السورية.
٣) ان يكون قادرا على استيعاب وتهدئة الساحة الاردنية الشعبية التي تغلي غضبا وهي ساحة لها جذور عروبية وقومية وبعثية.
٤) ان يكون قادرا على الامساك بالساحة العراقية والقضاء على المقاومة وتصفيتها
٥) ان يكون قادرا على التعامل مع طهران تعامل الند للند وليس الفصيل للدولة.
٦) ان يكون قادرا على ايقاف المد اليماني البالستي والمسير
٧) ان يكون مقبولا لدى ملوك الصحراء وامراء البادية في الحجاز ونجد
٨) ان يريح امريكا من صداع الرأس الذي سببه لها طوفان الاقصى وتداعياته ويتركها تنشغل بالملف العالمي المتعلق بالصين وروسيا.
٩) ان يعيد المشهد الى واقعه السني بعد ان تفرد الشيعة بكل امتيازات الصورة الحالية
انها خلطة عطار فيها الكثير مما تحتاجه امريكا كما ان هذه الخلطة لا يمكن ان تنضج على نار سريعة والا احترقت بالكامل
بل يتعين ان تراعى وتؤسس لها غرف عمليات مكثفة ومستمرة قد تستغرق اشهرا وربما سنوات (تدريبات الاسد المتأهب مثلا)
لكن ليس هنالك انعطافة تاريخية بلا ثمن وافترض ان المسرحية الكبرى التي ستغير كل المشهد هي منح البطل القومي القادم جرعة انعاش للشعوب العربية والاسلامية من خلال منحه الضفة وغزة وتصديره على انه المنقذ العربي الذي انقذ غزة والضفة واستطاع تحريرها بعد عشرات السنين منذ عهد النكبة.
ولنكن موضوعيين في تصوراتنا فالصهاينة ليسوا بحاجة لغزة ولا للضفة كما يمكنهم اعطاء الجولان لمن يكون درعا فعليا لهم واذا ما تم تحويل تلك الاراضي لسيطرة شخص ثالث هم بامس الحاجة لخدماته لانه سيكون الجدار الحديدي لحماية حدود دولة الصهاينة وتنفيذ مخطط بناء الهيكل وهدم المسجد الاقصى اذ انه ما زال حتى الان وقفا اسلاميا تابعا للمملكة الهاشمية الاردنية
ومن تراه يكون هذا البطل القومي الذي تحتاجه امريكا في هذه اللحظة التاريخية
بطل لا توجد معه فصائل ولا مليشيات ؛ له تحرك سريع وحاسم في المعارك لان الوقت ينفذ امام امريكا
بطل تعتمد عليه امريكا لانهاء قلقها من المحور الشيعي وتفرغها للحرب العالمية مع الصين وروسيا ؛ كما يمكنها من كبح جماح الوهج الشيعي الذي يسري بين ابناء المذهب السني في العالم الاسلامي
يقال ان بايدن قال للنتن ياهو اصبر قليلا ولا ترد على الضربة الايرانية
وهذا يعني ان لديهم مخططا كبيرا جدا
من تراه الذي اشارت له الروايات الشريفة والتي تحدثت عن سيطرته في وقت واحد على اجزاء من فلسطين والاردن وسوريا ثم لا يكون له هم الا الاقبال نحو العراق
ثم لماذا ذكرت الروايات انه يهرب الى فلسطين بعد تحرك الجيوش المهدوية نحو سوريا لتحريرها وما شأنه هو بفلسطين
وفي خلاصة لكل ما ذكرناه انفا نحن نرى مسارين يتحركان بالتوازي في العالم
المسار الاول : نحو هرج الروم والحرب العالمية وهلاك ثلثي الناس وكان من الممكن ان يبدأ مبكرا لولا ان طوفان الاقصى قد اخره قليلا.
المسار الثاني : حرب السفياني في غرب اسيا والتي ستكون قريبة جدا من الظهور الشريف
وبذلك يمكن ان نفهم لماذا بشرنا اهل البيت عليهم السلام باننا سنكون في مأمن من الحرب العالمية المرتقبة وان كل الامر متعلق بامن الصهاينة ووجود مخطط موازي متفق عليه بعدم ادخال المنطقة ضمن رقعة شطرنج الحرب العالمية وانما ايجاد المشروع الموازي للحرب من خلال السفياني اللعين
ويبقى ان يقال في الختام ان مساري الحرب والسفياني سيعملان بالتوازي وسنلاحظ تطور المسارين سوية وفي وقت واحد مع تقديم وتأخير يسير
اللهم عجل لوليك الفرج والعافية والنصر