بقلم| الشيخ علي هاشم الركابيّ
إنَّ من الأمور الضرورية جداً لكلِّ من يودّ أن يكون مهدوياً، ومن أنصار الإمام الحجة هي أن يبرمج عقله الباطن على أن يكون مهدوياً، ومن أنصار الإمام الحجة، وسنوضح ذلك بالتفصيل، ومن يطبّقه سيكون قادراً -إن شاء الله- على التحلّي بكل صفات الأنصار.
بدءاً نقدّم توضيحاً موجزاً حول العقل الباطن، فنقول: إِنَّ العقل الإنسانيّ يقسم على قسمين:
1ــ العقل الواعي: وهذا العقل هو الذي نفكّر فيه ونقرّر، ونتصرّف، ويشكّل هذا القسم ١٠% فقط من أفعالنا وكل ما يصدر منا.
2ــ العقل الباطن: وهذا العقل، بمثابة المخزن لكل ما نشاهده أو نسمعه أو نقرأه، وهو المسيطر على عاداتنا وطباعنا والموجه الأساس لأغلب سلوكياتنا، وهذا ليس كلاماً علمياً، ونظرياً فحسب؛ بل هو واقع عملي يراه الجميع ويؤمن به، فنحن نرى مثلاً الكثير من الأشخاص عندما يرون شيئاً غير مألوفٍ يستهجنوه ويستنكروه في بداية الأمر، لكن مع كثرة تكراره نجدهم قد آلفوه واعتادوا عليه! وما هذا التغيّر إلّا لأَنَّه قد ثبت في عقلهم الباطن من حيث لا يشعرون.
والآن نعود لموضوعنا الأساس وهو: كيف يمكن أن نثبت صفات وطباع أنصار الإمام المهديّ (أرواحنا فداه) في عقلنا الباطن لكي يسهل علينا الاتّصاف والتحلّي بها؟
هنالك عدة خطوات لو اتّبعناها والتزمنا بها، سيسهل علينا التحلّي بأي صفة نريدها، وكذلك التخلص من أي صفة لا نريدها، وهذه الخطوات هي:
1: بداية علينا أن نمسك ورقة، وقلم ونكتب فيها الأهداف التي نريد تحقيقها، فكلّ واحد منّا ملتفت الى نفسه ويعلم ما ينقصه وما عليه إصلاحه، فأول شيء نفعله إذن هو أن نمسك ورقة وقلم ونحدّد فيها أهدافنا المرجوّة، مثلاً: يجب أن أكون هادئاً تماماً، ولا أغضب لشيء، يجب ألّا أخاف ولا أتأثر من شيء، يجب أن أؤدّي كل الصلوات في وقتها ولا أؤخّرها عن وقتها إطلاقاً.. الخ، وهكذا نحدّد كلّ الصفات التي نريد الالتزام والتحلّي به، طبعاً كل هذا يجب أن يكون مع يقيننا بأنَّ كلّ شيء ممكن، أَمّا كلمة مستحيل ولا أستطيع وما شابه فهذه يجب أن نرفعها تماماً من قاموسنا.
2: أنْ نسرحَ في خيالنا كثيراً، ونتخيّل أنفسنا قد أتّصفنا بكل الصفات التي نريدها، وتجنّبنا عن الصفات التي لا نريدها، وأفضل أوقات التخيّل هو قبل النوم، وهذه الخطوة مهمة جداً، حيث إنّ العقل الباطن لا يميّز بين الحقيقة والخيال، وشيئاً فشيئاً سنلتمس تأثير التخيّل، وتحوّله الى واقع.
3: أن نخاطب أنفسنا وروحنا وعقلنا بعبارات تحفيزيّة وتشجيعيّة، مع تخيّل معاني العبارات، مثلاً نخاطب أنفسنا بأنَّ أنصار الإمام المهديّ (عجل الله فرجه) يجب أن لا يخافوا من شيء، وأنَّ أنصار الإمام المهدي يجب أن يكونوا هادئين ولا يؤثر فيهم شيئاً، أنصار الإمام المهدي يجب أن يكونوا أقوى من كل المغريات والمؤثرات… الخ، نتكلّم هكذا مع تخيّل لمعاني العبارات التي نخاطب بها أنفسنا (سواء هذه العبارات أو غيرها)
4: الكتابة! نعم الكتابة حول الأهداف التي نريد الوصول إليها، لا يُشترط فيها أن تكون محترفاً بالكتابة، ولا يشترط كذلك أن يقرأها غيرك أو تعرضها عليه، بل المهم هو الكتابة فقط، اكتب كل ما تستطيع كتابته حول الأهداف التي ستحددها.
5: تشاهد أفلاماً أو مسلسلاتٍ أو أيّ محتوى يتعارض مع الأهداف التي حدّدتها، فما ستشاهده أيضاً سيذهب الى عقلك الباطن شئت أم أبيت.
6: حاول التكرار والإلحاح بكلّ شكل من الأشكال على عقلك، فاكتب واسمع وشاهد كلّ ما يمكنك حول أهدافك التي حددتها، ويفضل أن يكون معكم شخصٌ تبدؤون معه البرنامج سوية ويبقى أحدكم يذكّر الآخر، ويُسمعه بين الحين والآخر حول الأهداف التي سترسموها، وممكن أن يكون هذا الشريك معك في البرنامج تتكلمون في الموبايل فهذا يكفي أيضاً.
البرنامج المذكور أعلاه برنامج سهل وبسيط جداً، وأنت بحاجة لتكراره لما يقارب الأربعين يوماً لكي تتحلّى بالصفات التي تريدها..
واعلم أيُّها المهدويّ العزيز إنَّك إن لم تصنع عقلك الباطن بنفسك، فإنَّ هنالك من سيصنعه لك من حيث لا تشعر، لذلك أنت مهدويّ، أنت أقوى من كل شيء، أنت قرّة عين إمام زمانك، فكن عند حسن ظنه، وابدأ بصناعة نفسك بنفسك، عملاً بالخطوات التي ذكرناها في المقال.